01‏/11‏/2013

السراج تنشر الملف الفرنسي الكامل عن الشهيد محمد ولد امسيكة (ح2)



تصف الوثائق الفرنسية المقاوم الفرنسي باللص وقاطع الطريق، وهو ذات الوصف الذي أطلقه الفرنسيون على أغلب من حملوا السلاح في وجههم، لكن في حالة ولد امسيكة فأن الأمر أكثر نكاية، 


ليست هذه الأوصاف إلا تعبيرا عن حالة الغضب الشديد التي تجتاح الفرنسيين تجاه الضربات المتكررة التي يوجهها ولد امسيكة إلى الحلف الفرنسي من عسكريين استعماريين ومجندين ومترجمين.

الحلقة الثانية

        I.            البحث عن قاطع الطريق ولد امسيكه والقبض عليه

في سبيل وضع حد للنشاط الإجرامي للمدعو ولد امسيكه نُظمت عملية أمنية مصحوبة بإجراءات إدارية على مستوى دائرة لبراكنه والدوائر المحاذية ابتداء من 5 مايو 1950 أسفرت عن مصرع قاطع الطريق هذا.

قامت مفرزة من الحرس تابعة لتجمع بوتلميت بدوريات في لبراكنه خلال أشهر فبراير، ديسمبر 1949 ويناير 1950 بحثا عن لصوص ماشية وكذلك للبحث عن قاطع الطريق ولد امسيكه.

الجرائم المرتكبة:

* يوم 25 يناير 1950 هاجم قاطع الطريق فريقا من عمال البريد والمواصلات كان يقوم بإصلاح خط الهاتف الرابط بين ألاك والمجرية على بعد نحو مائة كلم شمال شرق ألاك. حيث فاجأ الفريق وقام بسلبه قبل أن يختفي في الأدغال. وقد تدخل المساعد روجو(Rougeau) الذي كان موجودا في المنطقة رفقة بعض الحرس البربر(gardes maures) لدعم جهود البحث التي أعقبت العملية.

* يوم 26 ابريل 1950 أصيب الرقيب في حرس الدائرة ... ولد حبيب العامل في امبود بجراح عندما أطلق عليه ولد امسيكه النار تحت إحدى الخيم أثناء قيامه بمهمة للبحث عنه، وقد نقل المصاب إلى مستشفى سان لويس حيث بقي هناك لتلقي العلاج.

* يوم 26 ابريل 1950 وفي منطقة مال (50 كم شرق ألاك) التقت دورية مكونة من الحرسيين حمادي سيري وبوكار آمادو والدليل اميمي بولد امسيكه راكبا على جمل، عندها اختبأ الحرسيان وأرسلا الحرطاني لملاقاته، وعندما أصبحت المسافة الفاصلة بينهما 40 مترا تقريبا أطلق حمادي سيري النار على ولد امسيكه الذي كان في هذه اللحظة قد ترجل عن جمله فبادر بالاختفاء خلف شجرة ورد بإطلاق النار من بندقية صيد ليصيب حمادي سيري بجراح، وبطلب من حمادي سيري اتجه بوكار آمادو لجلب الماء من آبار قريبة. في تلك الأثناء تسلل ولد امسيكه من خلف أحد الكثبان ليصل إلى مكان وجود حمادي سيري حيث أجهز عليه بطلقة من بندقيته ثم أطلق النار في اتجاه بوكار آمادو الذي كان عائدا بالماء فبادر هذا بالرد لكن عند الطلقة الخامسة أو السادسة تعطل سلاحه فتسلل منسحبا في اتجاه الآبار ومضارب الأحياء القريبة، فيما انصرف ولد امسيكه بعد الاستيلاء على بندقية حمادي سيري مع 5 أو 6 خرطوشات.

* يوم 4 مايو 1950 وفي مخيم الزماريق بالعزلات ارتكب المجرم ولد امسيكه جريمة جديدة ضد الحرسي غالانكا غي.

الوسائل التي تم رصدها:

يوم 5 مايو وصلتُ إلى ألاك مرفوقا بالرقيب الدركي بيرني (Bernis) و6 حرسيين سود وطلبتُ إرسال 20 حرسيا من البربر(gardes maures) من تجمع بوتلميت بقيادة المساعد بيسو (Peyssou). وتقرر تنظيم عملية أمنية لمراقبة منطقة لبراكنه. كان هناك نحو 30 حرسيا من البربر و20 من المجندين (قوميات) تحت أوامر المساعد أول مورو (Moro)، فضلا عن بعض المتطوعين المحليين، وقد تم إخضاع الآبار في مناطق قيمي، التاشوط، مال، العزلات، ألاك و... للحراسة، كما تم وضع نقاط مراقبة وتنظيم دوريات على أطراف لبراكنه.

تم تنظيم دوريات راكبة وأخرى راجلة، كما تم فتح تحقيق على مستوى حي الزماريق في العزلات حيث وقعت آخر جريمة. وبعد استجوابات مطولة جدا تم إصدار مذكرات إيداع في حق 9 أفراد متهمين بالتواطؤ في القتل وتواصلت التحريات بنشاط، وقد شوش عليها واقع أن قاطع الطريق يتم الإبلاغ عن رؤيته في كل مكان تقريبا من طرف أشخاص يتصرفون ربما بحسن نية.

مساء 12 مايو أبلغنا من طرف حاكم دائرة بوتلميت أن ولد امسيكه قد يكون شوهد في المذرذره التابعة لبوتلميت، ولكن لم يتم تعديل الترتيبات القائمة في لبراكنه.

القبض على قاطع الطريق ومقتله:

 يوم 13 مايو ارتكب ولد امسيكه جريمة جديدة شمال "مويت" على الحدود بين لبراكنه وغورغل حيث قتل حرسي الدائرة البربري سعيد ولد سرينا بإطلاق النار عليه مباشرة الساعة الرابعة فجرا بينما كان نائما تحت خيمة. بعدها قتل قاطع الطريق جملين وأخذ ثالثا ثم اتجه شمالا. أ

ُبلغنا بهذه الجريمة يوم 15 مايو عند منتصف الليل، وعلى الفور تم بواسطة السيارة إخطار نقاط المراقبة الموجودة في كل من مال وكيمي، ثم طُلب يوم 16 مايو إرسال 30 مجندا (قوميات) إلى لبراكنه وصدرت أوامر للملازم الذي يقود هذه الوحدة بتوجيهها نحو كيمي لأن المنطقة التي توجد احتمالات قوية بالعثور على ولد امسيكه فيها محددة للغاية: مال، مويت، لتفتار، قيمي. كان المطلوب هو تفتيش هذه المنطقة بدقة مع مراقبة نقاط الماء.

يوم 19 مايو عُقد بألاك اجتماع ضم حكام دوائر لبراكنه والترارزه وغورغل وحكام مراكز المجريه وبوغي. جرى الاتفاق على الإبقاء على الترتيبات التي كانت متخذة، كما تقرر في نفس اليوم إرسال الثلاثين مجندا المطلوبين.

يوم 21 مايو على تمام الساعة 8 صباحا أُبلغنا بمقتل المجرم ولد امسيكه مساء اليوم السابق في منطقة .... وبوجود جثمانه عند حي أولاد نغماش بقيمي.

انتقلنا إلى هنالك لمعاينة الجثمان ونقله إلى ألاك حيث تم التعرف عليه من طرف عدة أشخاص من بينهم السيد فارجيت (Fargette) حاكم المجرية والرقيب أول حمادي صو. وبعد تشريح الجثة تم دفنها قرب ألاك.

تبين من البحث الذي قام به الرقيب أول دركي بيرني (Bernis) أن ثلاثة رجال من أولاد ابييري كانوا بصدد البحث عن ناقة مسروقة صادفوا ولد امسيكه وابن عمه سيدي ولد امسيكه جالسين تحت شجرة ، وقد تحدثوا معه طويلا وبعد أن تمكنوا من الانفراد للتشاور قرروا القبض عليه، بعد الظهر ساروا رفقة قاطع الطريق لمسافة 400 متر، وبصورة مفاجئة جذبه أحدهم من شعر رأسه ثم حاول آخر السيطرة على ذراعه اليمنى لأن ولد امسيكه بادر إلى إخراج مسدس، فيما استولى الثالث على بندقية قاطع الطريق وأطلق عليه النار فأصابه إصابة قاتلة قبل أن يتمكن من إطلاق النار عليهم. أما ابن عم ولد امسيكه فقد كان انصرف قبل ذلك بنحو ساعة، ويجري الآن البحث عنه في المنطقة.

البندقية من طراز 1916 رقم AC 71-792التي كانت بحوزة ولد امسيكه تعود لقوات حرس الدائرة بمقاطعة ألاك.

الملاحظات:

لقد كانت عملية القبض على ولد امسيكه صعبة وتطلبت وقتا طويلا وذلك لعدة أسباب:

1.      المجال الذي يتحرك فيهمليء بالأدغالوصلب وتوجد بها نقاط ماء كافية نسبيا ومن الصعب اقتفاء الآثار فيه.

2.      يضم سكان المنطقة عددا من الحراطين الذين ليس هناك أدنى شك في كونهم ساعدوا ولد امسيكه. لقد وُوجِهنا بسلوك سلبي جدا من عامة السكان، والمعلومات التي من شأنها أن تساعدنا لم نكن نُبلَّغ بها أو كانت تصلنا متأخرة للغاية.

3.      كان ولد امسيكه يتمتع بصيت واسع وكان الناس يرهبونه وأصبح يُنظر إليه على أنه لا يُقهر فقد كان يتباهى ببطولاته.

4.      كان يملك راحلة نجيبة جدا يستطيع بفضل سرعتها الإفلات بسهولة من مطارديه.

وضعية ولد امسيكه عند القبض عليه:

كان ولد امسيكه عند القبض عليه في وضع صعب: كان هناك 13 من الحرس في منطقة قيمي – التاشوط، و8 مجندين (قوميات) في مال، وقد طُلب إرسال 30 مجندا كانوا سيصلون فورا إلى قيمي للقيام بدوريات في تلك المنطقة. وفي ظل هذه الترتيبات لم يكن شل قدرته على إحداث الضرر يتطلب أكثر من بضعة أيام. وأمام استعراض القوة هذا فهم السكان أن هناك تصميما هذه المرة على حسم الأمر. وكان هناك عاملان ساعدا على تغيير السكان لموقفهم:

1.      وجود جائزة بقيمة 100.000 فرنك.

2.      في حالة القبض على ولد امسيكه حيا من طرف حرس الدائرة أو المجندين يمكن أن يتحدث وقد تتسبب اعترافاته في متاعب فعلية للبعض.

لقد كان تعاون القبائل المحاربة في لبراكنه (أولاد أحمد، أولاد نغماش) محبطا لنا، وما لم تطرأ اعتبارات جديدة فإن تصرفهم لا يبدو فعالا من وجهة نظرنا.

خلاصة أولية: إنني على قناعة أن:

1.      الإجراءات الإدارية التي اتخذها الحاكم العام (جائزة 100.000 فرنك، تعليق أعطيات شيوخ القبائل إلى حين القبض على قاطع الطريق).

2.      الإجراءات الأمنية، التي بدأت تثقل كاهل البلد.

كان لها أكبر الأثر في حسم هذه القضية.

تقرير الملازم هومير

حاكم مقاطعة روصو 

نقلا عن موقع السراج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق